الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)
.نكبة أبي الفتح بن العميد. كان عضد الدولة يحقد على أبي الفتح بن العميد مقامه عند بختيار ببغداد ومخالطته له وما عقده معه من وزارته بعد ركن الدولة وكان ابن العميد يكاتب بختيار بأحواله وأحوال أبيه وكان لعضد الدولة عين على بختيار يكاتبه بذلك ويغريه فلما ملك عضد الدولة بعد أبيه كتب إلى أخيه فخر الدولة بالري بالقبض على ابن العميد وعلى أهله وأصحابه واستصفيت أموالهم ومحيت آثارهم وكان أبو الفضل بن العميد ينذرهم بذلك لما يرى من مخايل أبي الفتح وإنكاره عليه..استيلاء عضد الدولة على العراق ومقتل بختيار وابن بقية. ولما دخلت سنة سبع وستين سار عضد الدولة إلى بغداد وأرسل إلى بختيار يدعوه إلى طاعته وأن يسير عن العراق إلى أي جهة أراد فيمده بما يحتاج إليه من مال وسلاح فضعفت نفسه فقلع عينه وبعثها إليه وخرج بختيار عن بغداد متوجها إلى الشام ودخل عضد الدولة بغداد وخطب له بها ولم يكن خطب لأحد قبله وضرب على بابه ثلاث نوبات ولم يكن لمن تقدمه وأمر أن يلقى ابن بقية بين أرجل الفيلة فضربته حتى مات وصلب على رأس الجسر في شوال سنة سبع وستين وثلثمائة ولما انتهى بختيار إلى عكبرا وكان معه حمدان بن ناصر الدولة بن حمدان فزين له قصد الموصل واستماله إليه عن الشام وقد كان عقد معه عضد الدولة أن لا يقصد الموصل لموالاة بينه وبين أبي ثعلب فسار هو إلى الموصل ونقض عهده وانتهى إلى تكريت فبعث إليه أبو ثعلب يعده المسير معه لقتال عضد الدولة وإعادة ملكه على أن يسلم إليه أخاه حمدان فقبض بختيار عليه وسلمه إلى سفرائه وحبسه أبو ثعلب وسار بختيار إلى الحديثة ولقيه أبو ثعلب في عشرين ألف مقاتل ورجع معه إلى العراق ولقيهما عضد الدولة بنواحي تكريت فهزمهما وجيء ببختيار أسيرا فأشار أبو الوفاء طاهر بن إسمعيل كبير أصحاب عضد الدولة بقتله فقتل لاثنتي عشرة سنة من ملكه واستلحم كثير من أصحابه وانهزم أبو ثعلب بن حمدان إلى الموصل..استيلاء عضد الدولة على أعمال بني حمدان. ولما انهزم أبو ثعلب سار عضد الدولة في أثره فملك الموصل منتصف ذي القعدة سنة ست وستين وثلثمائة وكان حمل معه الميرة والعلوفات خوفا أن يقع به مثل ما وقع بسلفه فأقام بالموصل مطمئنا وبث السرايا في طلب أبي ثعلب ولحق بنصيبين ثم بميافارقين فبعث عضد الدولة في أثره سرية عليها أبو ظاهر بن محمد إلى سنجار وأخرى عليها الحاجب أبو حرب طغان إلى جزيرة ابن عمر فترك أبو ثعلب أهله بميافارقين وسار إلى تدلس ووصل أبو الوفاء في العساكر إلى ميافارقين فامتنعت عليه فسار في اتباع أبي ثعلب إلى أرزن الروم ثم إلى الحسنية من أعمال الجزيرة وصعد أبو ثعلب إلى قلعة كواشى فأخذ أمواله منها وعاد أبو الوفاء وحاصره بميافارقين وسار عضد الدولة وقد افتتح سائر ديار بكر وسار أبو ثعلب إلى الرحبة ورجع أصحابه إلى أبي الوفاء فأمنهم وعاد إلى الموصل فتسلم ديار مضر من يده وكان سعد الدولة على الرحبة وتقرى أعمال أبي ثعلب وحصونه مثل هوا والملاسي وفرقى والسفياني وكواشى بما فيها من خزائنه وأمواله واستخلف أبو الوفاء على الموصل وجميع أعمال بني ثعلب وعاد إلى بغداد وسار أبو ثعلب إلى الشام فكان فيه مهلكه كما مر في أخباره..ايقاع العساكر ببني شيبان. كان بنو شيبان قد طال إفسادهم للسابلة وعجز الملوك عن طلبهم وكانوا يمتنعون بجبال شهرزور لما بينهم وبين أكرادها من المواصلة فبعث عضد الدولة العساكر سنة تسع وستين وثلثمائة فنازلوا شهرزور واستولوا عليها وعلى ملكها رئيس بني شيبان فذهبوا في البسيط وسار العسكر في طلبهم فأوقعوا بهم واستباحوا أموالهم ونساءهم وجيء منهم إلى بغداد بثلثمائة أسير ثم عاودوا الطاعة وانحسمت علتهم..وصول ورد بن منير البطريق الخارج على ملك الروم إلى ديار بكر والقبض عليه. كان أرمانوس ملك الروم لما توفي خلف ولدين صغيرين ملكا بعده وكان نقفور وهو يومئذ الدمستق غائبا ببلاد الشام وكان نكاء فيها فلما عاد حمله الجند وأهل الدولة على النيابة عن الولدين فامتنع ثم أجاب وأقام بدولة الولدين وتزوج أمهما ولبس التاج ثم استوحشت منه فراسلت ابن الشمسيق في قتله وبيته في عشرة من أصحابه فقتلوا نقفور واستولى ابن الشمسيق على الأمر واستولى على الأولاد وعلى ابنه ورديس واعتقلهم في بعض القلاع وسار في أعمال الشام فعاث فيها وحاصر طرابلس فامتنعت عليه وكان لوالد الملك أخ خصي وهو الوزير يومئذ فوضع عليه من سقاه السم وأحس به فأسرع العود إلى القسطنطينية ومات في طريقه وكان ورد بن منير من عظماء البطارقة فطمع في الملك وكاتب أبا ثعلب بن حمدان عند خروجه بين يدي عضد الدولة وظاهره واستجاش بالمسلمين بالثغور وساروا إليه وقصد القسطنطينية وبرزت إليه عساكر الملكين فهزمهم مرة بعد أخرى فأطلق الملكان ورديس بن لاوون وبعثاه في العساكر لقتال ورد فهزمهم بعد حروب صعبة ولحق ورد ببلاد الإسلام ونزل ميافارقين وبعث أخاه إلى عضد الدولة ببذل الطاعة وبطلب النضرة وبعث إليه ملك الروم واستمالاه فجنح إليهما وكتب إلى عامله بميافارقين بالقبض على ورد وأصحابه فيئسوا منه وتسللوا عنه فبعث أبو علي الغنمي عنه إلى داره للحديث معه ثم قبض عليه وعلى ولده وأخيه وجماعة من أصحابه واعتقلهم بميافارقين ثم بعث بهم إلى بغداد فحبسوا بها.
|